هذه قصة سامح الزغول مع الرياضة ومنصات التتويج، يمكنكم متابعة صفحاته على وسائل التواصل الاجتماعي التالية:

انستاغرام سامح الزغول

البداية

اشارة حمراء، نظرت اليها بتمعن قبل ان اقطع ذلك الشارع مثل اي فتى في عمر الخامسة عشر، خطوت بضع خطوات لاقطع الشارع في طريقي الى المنزل، الا ان تلك السيارة استمرت بالسير بسرعتها الجنونية، لم ارها ولكني سمعت صوت فراملها تعلو وتقترب، ثم شعرت بشيء يصدمني لاطير من فوق مقدمتها وارتطم بزجاجها الامامي قبل ان اقع على الارض مغشياً علي من خلفها.

كان ذلك في العام 2003 حين وقع ذلك الحادث المفصلي في حياتي في العاصمة الاردنية عمان، نقلت على اثره الى المستشفى لتجرى لي عملية جراحية لعلاج التفتت الذي حصل في كتفي وساقي، علاج استمر لمدة ستة اشهر كاملة في غرفة المستشفى، قبل ان ابدأ مرحلة علاج طبيعي استمر لستة اشهر اخرى، واشهر عديدة اخرى لم استطع خلالها مغادرة منزلي. قضبان حديدية زرعت في كتفي وساقي، وفارق سنتيمترات قليلة بين ساقي اليمنى وساقي اليسرى يرافقونني حتى يومنا هذا، الا انهم تركوا اثراً ايجابي لم اكن اتصوره.

مرت السنوات عقب تلك الحادثة بطيئة، محملة بصعاب ومشقات نتجت عن تلك الحادثة، ولكنها دفعتني للسعي لاستعادة حياتي الطبيعية من خلال ممارسة الرياضة، فالتحقت باحد النوادي الرياضية “جيم” وبدأت امارس رياضة رفع الاثقال لتقوية عضلات جسدي التي ارتخت وترهلت نتيجة الاستلقاء لشهور طويلة. وبالرغم من انني التزمت بدافع شخصي بالذهاب الى النادي الرياضي، الا ان تلك الرياضة لم تستهويني بالرغم من ما منحتني من قوة وصلابة.

في العام 2010، غادرت عمان واتجهت للعمل في مدينة ابوظبي، صفحة جديدة لها ما لها وعليها ما عليها من صعوبة الاغتراب والبعد عن الاقارب والاصحاب، وبداية جديدة في وظيفة تبشر بغد اجمل بعد ايام وسنوات وددت لو محوتها من قرص ذاكرتي، ولكنها حفرت هناك لتظل تلازمني وتذكرني بفضل الله على عبده، قطنت مجمعأ سكنياً جميلاً تزينه المسطحات المائية واشجار خضراء وزهوراً بالوان الطيف، ونادياً رياضياً اشغل به وقت فراغي ويشد من عزمي ويزيد من صلابتي.

في صباح يوم جميل من ايام شهر اكتوبر من العام 2019، فتحت عيني ونهضت من فراشي استعداداً ليوم عمل جديد، فتحت ستارة غرفتي ونظرت من نافذتي الصغيرة لالمح شاباً يمارس رياضة الركض في محيط المجمع السكني، شعرت برغبة بالانضمام اليه، شعرت بانه يقضي وقتاً في غاية المتعة في احضان تلك الطبيعة الجذابة، نظرت الى ساعتي فقالت لي بحزم، لقد تأخرت على موعد عملك. ارتديت ثيابي وغادرت منزلي متجهاً الى عملي، الا ان صورة ذلك الشاب لم تفارقني طوال ذلك اليوم.

التقيت به بعد ذلك بايام قليلة، سألته عن رياضة الركض فشجعني على ممارستها ودعاني للانضمام اليه، وبدأنا بالركض معاً عدة مرات في الاسبوع، نبدأ في الخامسة صباحاً وننتهي قبل ان يحين موعد ذهابنا الى اماكن عملنا.

بعد اقل من شهرين المت بي اصابة اوقفتني مؤقتاً عن ممارسة رياضة الجري، ولأنني لم ارد ان اتوقف عن ممارسة الرياضة، سألت اصحاب الخبرة في المجال الرياضي فنصحوني بممارسة ركوب الدراجات الهوائية، فبدأت بممارستها، حتى بعد ان شفيت من الاصابة، عاودت ممارسة رياضة الجري جنباً الى جنب مع ركوب الدراجة الهوائية.

لم اكن اتصور ذلك الاثر البالغ الذي تركته هذه الرياضة على تفاصيل حياتي، تغير وزني بشكل لافت خلال شهر واحد فقط، اذ انخفض من اربع وتسعون كيلوغراماً اواخر ديسمبر من العام 2019 ليصبح ثلاث وثمانون في شباط من العام 2020، واستمر حرق الدهون بنسبة متسارعة حتى اصبح وزني اليوم بحدود السبعون كيلوغراماً، ليس هذا فحسب، ولكني اصبحت انساناً اكثر نشاطاً وحيوية، استيقظ في الخامسة من صباح كل يوم بغرض ممارسة الرياضة بعد ان كانت ساعات نومي تمتد حتى قبيل الظهيرة قبل سنوات قليلة، كما اصبحت اكثر هدوئاً وروية بعد ان كنت عصبي المزاج، واصبح نظامي الغذائي متوازناً وصحياً فكان له كبير الاثر في ادائي الرياضي وحياتي اليومية.

منصات التتويج

بدأت بعد ذلك دخول معترك السباقات في مدينة دبي، كانت السباقات الاولى مشجعة، حيث انهيت اول سباق خمسة كيلومترات بزمن عشرون دقيقة، وعشرة كيلومترات بزمن ثلاث واربعون دقيقة، قبل ابذل مزيداً من الجهد لتحقيق ارقام شخصية افضل، فاصبح زمن سباق الخمسة كيلومترات ستة عشر دقيقة ونصف، والعشرة كيلومترات خمس وثلاثون دقيقة، اما نصف الماراثون فان افضل زمن حققته كان ساعة واحدة وسبعة عشر دقيقة، فيما قطعت سباق الماراثون بثلاث ساعات ودقيقة واحدة. تلك الارقام اهلتني لصعود منصات التتويج خمسة عشرة مرة، حصلت منها على خمسة عشرة ميدالية ملونة وخمسة كؤوس، واكثر من ثلاثون ميدالية لقاء مشاركاتي في سباقات مختلفة.

سامح الزغول متوجاً باحدى جوائز السباقات

تطورت في ممارسة رياضة الدراجات ايضاً، فتلك الرياضة التي بدأتها بقطع مسافة عشرون كيلومتراً اصبحت اليوم بحدود مائة وخمسون كيلومتراً، اقضي كل دقيقة من دقائقها بمتعة لم اشعر بمثلها قط في ممارسة اي نشاط خلال سنوات عمري السابقة.

في اغسطس من العام 2020، تعرفت صدفة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي على مجموعة 530 Run، وهي مجموعة تضم عدد كبير من العدائين يمارسون رياضة الركض في الخامسة والنصف من صباح ايام السبت، الاثنين والاربعاء، فكان لهم اثر يذكر فيشكر بتحفيزي وتشجيعي لزيادة سرعتي وتحقيقي لمزيد من الانجازات في هذه الرياضة.

اليوم وبعد ان مر عام كامل على بدء ممارستي لهذه الرياضة، اشارك عدة فرق في مدينة دبي ممارسة هذه الرياضة، اشارك فرق نايكي واديداس، فريق Run for a Purpose وفريق OCR Nation، وجميعها فرق تضم عدائين متميزين، استفدت وتعلمت من تجاربهم وخبراتهم، كما اخصص كل يوم جمعة لخوض سباق جديد، وكل يوم سبت لممارسة ركوب الدراجات الهوائية.

اخيراً، اقول لكل من يبحث عن ذاته، لكل من يرغب بصفاء ذهنه، وصحة جسده، وتنظيم اوقاته وايامه، ان ممارسة الرياضة هي مفتاح ذلك الباب الذي يقف حائلاً بينك وبين كل احلامك وامنياتك.

اقرأ ايضاً على مدونة اركض قصة علا اسعد حكاية طويلة مع الرياضة