ماذا تعلمت من الركض ، هل حقاً يمكن ان نتعلم من مجرد الركض في الشارع؟ هل حقاً يمكن لامر كهذا ان يغير حياتنا او حتى ان يقلبها راساً على عقب؟ نعم يمكن، ولكن دعك اولاً من ماذا فعل هذا وماذا ارتدى ذاك وركز على ايجابيات كل ما حولك، راقب كل شيء جميل وايجابي في كل شخص ممن يركضون حولك ومعك في الفريق او المجموعة وستتعلم الكثير

لقد بدأت ممارسة رياضة الجري في السنة الثالثة بعد الاربعين من عمري، وانهيت اول سباق ماراثون كامل في عمر الخامسة والاربعين، سنتان من التمرين والجهد المتواصل واجهت خلالها الكثير من المتاعب البدنية والصعوبات الاجتماعية والصحية والذهنية، حيث لم يكن من السهل على رجل في العقد الخامس من عمره ورب لاسرة واب لطفلين الالتزام بتمارين شبه يومية، فكان لابد من ايجاد حلول مناسبة توافق بين ممارسة الرياضة والالتزامات العائلية والاجتماعية والمهنية، فكان ان بدأت بالتمارين خلال اوقات تمارين اولادي والذي يستغرق التمرين الواحد منها نحو ساعتين، ومن ثم ممارسة رياضة الجري في وقت الفجر قبل الذهاب الى العمل وافراد الاسرة لا يزالون نياماً، فكان الدرس الاول ان ادارة الوقت ممكنة مع بعض التضحيات من طرفي كرب للاسرة ومن طرف افراد اسرتي الذين قد يكون قد فاتهم بعض النشاطات والمناسبات الاجتماعية.

اما الدرس الثاني فكان انني تعلمت من الركض ان اي هدف مهما كان يبدو صعباً او مستحيلاً يمكن تحقيقه، وذلك بالاجتهاد والمثابرة والتدريب، وهذا لا ينطبق على الرياضة فحسب ولكن على جميع مناحي الحياة، فاي شيء تريد ان تتعلمه او تتقنه ستحققه بالالتزام والجهد والعمل المتواصل

تعلمت ان بث الرسائل الايجابية وخصوصاً في محيط الاسرة يمكن ان يكون بالعمل وليس القول، فممارستي للرياضة انعكست على ابنائي الذين احبو الرياضة ولمسوا معنى الالتزام بممارستها من خلال متابعتهم ومراقبتهم لالتزامي تجاهها، فشعرت ولمست انني قدوة لابنائي ولمن احب

تعلمت ان التعلم من الاخرين والنظر في ايجابياتهم ومحاولة اكتسابها وبنائها في شخصيتي ليس عيباً، فالعيب هو رفض الايجابيات فقط لانني وجدتها لدى شخص غريب عني، حقاً لقد تعلمت الكثير من عدائي فريق Running Amman وليس فقط في مجال الرياضة بل في اسلوب الحياة، فمن بعضهم تعلمت الانضباط، اذ خلال سنة ونصف رافقت فيها اعضاء هذا الفريق لم يتغيب معظمهم عن التمرين ولو لمرة واحدة، ولم يحاولوا اختصار وقت التمرين لاي سبب كان، فالتمرين ينتهي بانتهاء المسافة المحددة مسبقاً وليس عند الشعور بالتعب او الملل، ومن هذا تعلمت ان العقلية الصلبة والقوية هي اساس النجاح، اذ انني لم اكن لانجح لو لم امتلك تلك العقلية المؤمنة بقدرتي على فعل ذلك الامر

ومن ذلك تعلمت التأمل في كل ما امر به اثناء الركض، في الشجرة كيف انبتها الله لتصنع غذاء لكل كائن حي، في قطرة الماء عندما تسقط على رؤوسنا اثناء الركض وكيف جعل الله منها كل شيء حي، وفي احوال البشر والحجر وكيف انعم الله علينا من كل النعم من الصحة الى المأوى الى القدرة المادية، فاصبحت اقدر اكثر ما انعم الله علي وانظر الى من هم دوني وليس فوقي فاحمد الله على ما اتاني

اما في جانب ما استفدت، فقد استفدت ان قضيت وقت اكبر مع ابنائي، على الاقل اثناء تنقلنا من والى ناديهم الرياضي، فاصبح بيننا حوار وحديث عن ما يدور في اذهانهم وما يمرون به من مواقف في حياتهم خصوصاً في تلك السن الصغيرة التي تفتقر الى الخبرة والتجربة وامامها الكثير لتتعلمه

استفدت انني اصبحت بصحة افضل، اذ لم اعد اشعر بآلآم مختلفة كنت اشعر بها قبل ممارستي للرياضة، واستفدت بان اصبح شكلي افضل اذ تخلصت من الكثير من الشحوم والدهون الزائدة في جسدي خصوصاً تلك التي تتركز عند منطقة البطن، واستفدت ان تحسن نظامي الغذائي بشكل كبير اذ انني كنت اهمل الكثير من العناصر الاساسية نتيجة رفضي لتناول انواع معينة من الخضار والفواكه احتجتها بشدة لاكمال العناصر التي احتاجها لممارسة الرياضة

استفدت وتعلمت ايضاً الكثير من المهارات الحياتية والفنية مثل فن التصوير من خلال رغبتي بالتقاط صور افضل عند المرور بمنظر جميل اثناء الركض، وتفاصيل اخرى صغيرة لا يتسع المكان لسردها، احمد الله ان انعم علي بالصحة والعافية، ورزقني القدرة على ممارسة الرياضة والاستفادة من ايجابياتها والتخلص من الكثير من التفكير السلبي الذي لم يعد له مكان في ذهني، تعلمت ان العلم والتعلم يمكن ان يكون اسلوب حياة، فاصبحت اتعلم شيئاً جديداً يومياً واحداً على الاقل حتى لو كان صغيراً وتافهاً في نظر البعض

هذه دورس شخصية تعلمتها لنفسي، وقد يكون هنالك الكثير من الدروس الاخرى التي من الممكن ان تتعلمها ان انت قررت ان تبدأ بممارسة الرياضة واستنباط الدروس منها