في مايو من العام 2019، تعرفت على سيدة امريكية تمارس رياضة الجري يومين اسبوعياً مع اثنين من العدائين الاردنيين، حيث يقومون بالجري في الخامسة والنصف صباحاً قبل الذهاب الى اماكن عملهم، انضممت اليهم وبدأت امارس الركض في الشارع، احببت الركض في ساعة الفجر، كانت الاجواء هادئة ونسيم الصباح منعش ومشجع لممارسة الرياضة، وتعلمت منهم ضرورة القيام بتمارين الاحماء والاطالة والتدريب المنتظم للحصول على النتائج المرجوة

كانت مراقبتي لزملائي الاجانب في العمل تعزز شعوري بضرورة الاستمرار في ما بدأت فيه، وكنت دائماً احدث نفسي بانني يوماً ما ساصبح مثلهم او ربما افضل منهم ان انا استطعت الالتزام بالتمارين بالشكل الذي اقوم به حالياً، او ربما اضافة يوم اخر من ايام الاسبوع لممارسة رياضة الجري، فبدأت اركض ثلاثة ايام في الاسبوع بدلاً من يومين، تدريجياً بدأت استطيع الركض لوقت اطول، فالخمسة عشر دقيقة التي كانت اقصى ما يمكن ان اركضه اصبحت ثلاثون، ثم خمسة واربعون، ثم ساعة كاملة، صحيح انها في كل مرة كانت متعبة الا انها كانت تشعرني بسعادة غامرة، اسعدني انني لمست تقدم واضح في قدرتي على التحمل وفي لياقتي البدنية، عندها فقط اصبحت ابتسم عندما ارى الزملاء المتجهين الى النادي الرياضي واقول لنفسي، انت على الطريق الصحيح

اضطرت المدربة الامريكية التي كنت اركض بصحبتها الى السفر فجأة، فكان لابد لي ان اجد بديلاً مناسباً، اذ انني كنت متأكداً انني لن اقوم بالركض بمفردي، بحثت سريعاً على مواقع التواصل الاجتماعي ووجدت مجموعة تدعى فريق ركض عمان (Running Amman)، كانوا يقومون بالركض ثلاث مرات اسبوعياً وهذا تماماً ما كنت ابحث عنه، انضممت اليهم وبدأت اركض معهم، وسريعاً بدأت اتعرف الى اعضاء الفريق، تحسن مستواي الرياضي بشكل كبير فقد كان الكثير من اعضاء الفريق على دراية ومعرفة عالية برياضة الجري، استفدت كثيراً من نصائحهم فيما يتعلق بالنظام الغذائي ومهارات التدريب، واصبحت اركض لمدة تتجاوز الساعة

بعد نحو شهرين من انضمامي لفريق Running Amman وفي احد الايام واثناء تناولنا لطعام الافطار عقب احد ركضات صباح الجمعة، قام بعض اعضاء الفريق باقتراح المشاركة في ماراثون مالطا، وفي الوقت الذي بدأ فيه العديد من عدائي الفريق بابداء رغبتهم بالمشاركة وتأييدهم للفكرة، شاورت نفسي، لماذا لا اذهب للمشاركة معهم، اعرف انني لن احقق نتائج باهرة فانا لازلت حديث العهد بهذه الرياضة، ولكن قد تضيف هذه المشاركة الكثير لخبرتي المتواضعة في الركض، وقد تحفزني على الاستمرار وبذل المزيد من الجهد لتحقيق ما اصبو اليه، وجدت نفسي اقول لهم انا ساشارك في سباق نصف الماراثون

اول سباق

عدت الى المنزل، فتحت جهاز الكمبيوتر وبدأت ابحث عن اسعار تذاكر السفر الى مالطا، كانت الاسعار متواضعة وفي المتناول، حجزت تذكرتي وبدأت افكر، ياه، ساشارك في سباق واحد وعشرون كيلومتراً، عدت بذاكرتي الى ذلك اليوم الذي رايت فيه زملائي يتجهون الى النادي الرياضي وتذكرت شعوري بالاسى تجاه نفسي، ابتسمت وقلت لنفسي ها انا ذا اقترب مما تمنيت في ذلك اليوم، نعم اصبحت رياضياً وساشارك في سباق نصف ماراثون قريباً

كان المتبقي ليوم السباق ثلاثة اسابيع فقط، بدأت التدريب بجدية اكبر استعداداً لتلك المشاركة، بعض الاشخاص المحيطين بي اعتقدوا ان ما افعله هو الجنون بحد ذاته، اذ انني لم اكن استطيع الجري لاكثر من 15 دقيقة قبل نحو ثلاثة اشهر فقط، فكيف لي ان استطيع الركض لاكثر من ساعتين، ولكن بدعم وتشجيع منقطع النظير من افراد فريق Running Amman والذين كان لهم فضل كبير في اعدادي ودعمي نفسياً ومعنوياً استطعت ان انهي السباق في ساعتين وثلاث دقائق، كان فرحتي لا توصف وانا اتجاوز خط نهاية السباق، ذلك الخط الي عبرت من خلاله من شخص ذو وزن زائد الى شخص اخر رياضي، قوي، وذو لياقة بدنية عالية

اليوم اثبت لنفسي انني قادر على تحقيق اي هدف مهما كان، سواء كان رياضياً، مهنياً، او حياتياً، اذ ان الانسان ان اراد شيئاً فلابد ان يستجيب القدر ان هو بذل لذلك الجهد والالتزام والتفاني

سوف استمر في رياضه الجري مع فريق Running Amman وبحول الله سيأتي ذلك اليوم الذي اركض فيه سباق ماراثون كامل، فبصحبة هذا الفريق من الرياضيين وهذه النوعية من الأصدقاء والبيئه المحيطة فان تحديدك لمسارك واهدافك في الحياة تصبح اقرب الى التحقق

اقرأ الجزء الاول من قصة سامي قطامي مع الركض

اقرأ ايضاً قصة اليوم الكبير على مدونة اركض