اسمي حسام محمد، وهذه حكايتي مع الرياضة قررت اما ان انجح او ان انجح، ويمكنكم متابعة حسابي على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الرابط التالي:
امام كاونتر احد الاندية الرياضية الفخمة في مدينة دبي، مددت يدي الى محفظة نقودي لاخرج منها بطاقتي الائتمانية بعدما تمكن موظف خدمة العملاء من اقناعي بالاستفادة من عرض لمدة محدودة للاشتراك في خدمات النادي، استطاع ان يقنعني بانه من السذاجة رفض مثل ذلك العرض، مددت له البطاقة وقام بخصم قيمة الاشتراك لمدة عام كامل واعاد لي بطاقتي لاعيدها الى محفظتي. لربما كان هذا اكبر مبلغ قام شخص بدفعه ثمناً لحمام ساخن اخذته باستخدام شورات النادي عندما كنت متجها لاحدى المناسبات بعد ساعات دوام عملي، ولم اعد الى ذلك النادي الرياضي بعد ذلك مطلقاً! بدى لي ذلك لاحقاً وكانه تبرع سخي قمت بتقديمه الى ذلك النادي، ولكني حقيقة لم اجد دافعاً ولا رغبة بالذهاب لممارسة الرياضة.
ولدت في العام 1987 لاسرة سودانية الاصل والهوى، كبرت وترعرعت في مدينة دبي الجميلة، سافرت وتنقلت من قارة الى قارة، من دولة الى اخرى، ومن مدينة الى جارتها لولع فطرني الله عليه بالسفر والرحلات. ثلاثون عاماً مرت من عمري وعلاقتي بالرياضة مثل قطبين مغناطيسيين متشابهين، دائماً وابداً متنافرين، احب الراحة والاستلقاء على الكنبة لاتصفح مواقع التواصل الاجتماعي وتناول كيساً من البطاطس المقرمشة مع كأساً كبيرة من المشروبات الغازية المثلجة خصوصاً في فصل الصيف، او مشاهدة فيلم ممتع وانا اتناول وجبة سريعة (او اثنتين) من احد مطاعم الوجبات السريعة، حيث كانت علاقتي بتلك المطاعم مميزة للغاية وكان نظام حياتي بشكل عام غير صحي ولا بأي شكل من الاشكال، صعود السلالم ولو كان ذو درجات معدودة كان تحدياً اخشى مواجهته، واعلم مسبقاً انني ساخوض معركة خاسرة تنقطع خلالها انفاسي، وترجف ركبتي ومفاصلي مع كل درجة من درجاته حتى لا استطيع الاستمرار فاضطر للتوقف لامنحها بعضاً من الراحة لعلها تستطيع الاستمرار، اكره ان يحل رباط حذائي لان الانحناء لاعادة ربطه واقعة ارغب دائماً بتجنبها، اما المشاكل الصحية فحدث ولا حرج، عسر هضم وامراض ضغط وسكري داهمتني قبل حتى ان ادخل عقدي الرابع، واجبرتني على زيارة المستشفيات والمتبعات المستمرة مع الاطباء.
اكثر ما كان يجذبني خلال تلك الفترة هو الازياء والموضة، احب ان تكون ملابسي كما لو انها وصلت لتوها من اهم دور ازياء الرجال العالمية، ولكنها وللاسف لم تكن متوفرة في اغلب الاحيان، فالمقاسات التي تناسب من هم في وزني والذي تجاوز في ذلك الوقت المائة وثلاثون كيلوغراماً محدودة للغاية، هذا ان توفرت اصلاً، فاضطر للقبول بما هو متاح ومتوفر من ملابس ومقاسات تناسب وزني وشكل جسدي المكتنز، وان كانت لا تتناسب مع ذوقي وما اتطلع اليه.
الى متى؟ سألت نفسي ذلك السؤال عدة مرات، متى تنتهي هذه المعاناة، ومتى اصبح قادراً على اختيار ما احبه من الملابس بدلاً من شراء ما هو متوفر، واذا كانت كل هذه المعاناة الصحية وانا في عمر الثلاثين، كيف سيكون شكل تلك المعاناة عندما ابلغ الستين او السبعين من العمر، هل هذا هو شكل الحياة التي سأعيشها لبقية عمري؟!
في بدايات العام 2018 قررت ان أبدأ فصلاً جديداً مع بداية العام الجديد، قررت ان أتخذ قرارات مختلفة، ليست كأي من القرارات التي اتخذتها من قبل، اهم ما فيها انني لن اقول وحسب، ولكن القول سيكون مصحوباً بفعل وعمل. ذهبت الى السوق واشتريت جهازين لطهي الطعام، احدهما للشوي والاخر للسلق، ووضعت قائمة بانواع الاطعمة التي سامتنع عن تناولها، فالزيوت والكربوهيدرات والحلويات سأودعها على امل اللقاء بها مستقبلاً، وكلي امل ان لا يكون ذلك اللقاء بعيداً، استبدلتها بالخضار والفواكه واللحوم المشوية، كنت على يقين بان الحل يبدأ من الطعام الصحي.
بعد مرور نحو شهرين، مدفوعاً بتغير ملموس في وزني الثقيل، بدأت بممارسة رياضة المشي، ثلاثون الى خمس واربعون دقيقة يومياً، اعود بعدها الى جهازي المحمول او كمبيوتري الشخصي ابحث في اليوتيوب والانترنت عن معلومات لمحاربة السمنة، بدأت اظهر انضباط اكبر واتباع نظام غذائي صحي اكثر.
في احد الايام وانا امارس رياضة المشي مررت من امام ذلك النادي الرياضي الذي كنت قبل سنوات قد وهبته تبرعي السخي، كان يقف بشموخ في وسط شارع مزدحم، كأنه ينظر الي بتحدٍ ويسألني بسخرية، اترغب بمنازلتي من جديد، شعرت برغبة بتحديه والالتحاق به مجدداً، دخلت وقمت بالاشتراك لمدة ستة اشهر، خرجت ونظرت اليه بتحدٍ وقلت في نفسي، لن يكون هذا المبلغ الذي دفعته لتوي تبرعاً جديداً كسابقه.
بدأت بريادة النادي، الاشهر الاولى كانت تركز على تمارين الكارديو بتوجيه من مدرب اللياقة البدنية النيجيري الاصل اسماعيل، ثم انتقلت بعدها الى تمارين الاوزان، وخلال تلك الفترة بدأت الالتحاق بتحديات رياضية وبدنية تقيمها المؤسسة التي اعمل لحسابها، فشاركت في سباقات للجري وسباقات للدراجات وسباقات لصعود السلالم، لم تعجبني مسابقات الجري، وجدتها متعبة ومجهدة ومملة للغاية.
ومن خلال مشاركاتي في العديد من الانشطة والفعاليات الرياضية، كونت العديد من الصداقات مع عدة اشخاص من الوسط الرياضي، يشجعونني ويدعمونني للاستمرار والمثابرة، واناس لهم نفس الاهتمامات وحب الرياضة والحياة الرياضية مثل فريق NavyDXB والملهم الكابتن عبدالرحمن الهاشمي.
بعد اشهر قليلة عدت لممارسة رياضة الجري، بعد ان تذكرت دعوة كان قد قدمها لي الكابتن فؤاد ناصر للانضمام الى فريق 530 Run، كان لذلك الفريق وللكابتن فؤاد فضل كبير في حب ممارسة رياضة الجري، فالركض على شاطئ الخليج العربي في ساعات الفجر الاولى، والاستمتاع باصوات الطيور الممزوجة بصوت امواج البحر في وقت شروق الشمس غيرت نمط حياتي الى شخص يحب الاستيقاظ مبكراً.
اما الولع الحقيقي في رياضة الجري فبدأ عندما بدأت ممارسة رياضة سباق الحواجز Obstacle Course Racing، كان الجري يشكل 60 الى 70% من تلك الرياضة. ازدادت رغبتي بتحسين مستواي في رياضة الركض، فاشتركت مع الفريق المتخصص في سباق الحواجز OCR Nation وتعرفت علي الكابتن محمد البلوشي الذي اتضح لي لاحقاً بانه مدرب متخصص في رياضة الجري.
سالني الكابتن محمد مرة، ما هو هدفك من ممارسة رياضة الركض، لم يكن جوابي حاضراً، لم افكر يوماً بهدف يمكن تحقيقه من ممارسة الجري، في الحقيقة لم يكن لدي اي هدف من ممارسة هذه الرياضة، فقام الكابتن البلوشي بمساعدتي على وضع هدف قابل للتحقيق، وهو في الحقيقة ما ساعدني في تحسين مستواي في هذه الرياضة، كان ذلك بعد ان تعاقدت معه مدرباً خاصاً استمع الى توجيهاته واتعلم من خبراته ومعلوماته.
بمساعدة الكابتن محمد شاركت في سباقات خمسة كيلومترات، عشرة كيلومترات، ستة عشر كيلومتراً، ونصف الماراثون، ومن ثم سباقات المسارات الوعرة Trail Runs في الجبال والصحراء، الى ان أتممت واحداً من أصعب السباقات الصحراوية لمسافة 25 كيلومتر مطلع عام 2021 ليكون هذا العام بداية تحد جديد.
اليوم وقد اصبح وزني خمس وثمانون كيلوغراماً، وبعد خسارتي 50 كيلوجراماً من وزني السابق، اعيش حياة صحية في مجتمع رياضي، علمني ان ابدأ يومي بشكل منتظم، وتعرفت من خلاله على العديد من الاشخاص المميزين الذي تركوا اثراً ايجابياً في حياتي، وكانوا مصدر الهام ودافع لي لكي اشاركهم تحدياتهم واتحدى نفسي بالمشاركة في سباقات شيقة ومجنونة.
اصبحت انا والرياضة قطبين مغناطيسيين منجذبين، اصبحت شغفي بعد ان كانت لسنوات طوال عدوي الاول، احب ممارستها واحب مساعدة كل من يود ممارستها وتحفيزهم للوصول الى اهدافهم، قد تبدو في اول الامر صعبة ومتعبة، ولكن ما ان تضع قدمك على طريقها، فلن تستطيع العودة الى الوراء ابداً.
سعيد جدا بالقول انني نجحت عندما قررت اما ان انجح او ان انجح، علاقتي مع الاطباء والمستشفيات اقتصرت فقط علي كشوفاتٍ وفحوصاتٍ دورية، بعد ان اخذت الرياضة امراضي ووقت فراغي، ومنحتني القوة والعزم والشكل الذي كنت ارغب به.
لا يمكن وصف تلك المتعة التي تمنحها ممارسة الرياضة واتباع نظام حياة صحي، والاجمل مشاركتها مع كل من يحتاج الى كلمة تشجعه او الاخذ بيده، ليبدأ فصلاً جديداً تماماً كالفصل الي بدأته في بداية العام 2018.
القادم دائماً أجمل باذن الله.
اقرأ ايضاً على مدونة اركض قصة سامح الزغول مع الركض – من سرير الشفاء الى منصات التتويج
اضف تعليقا